فصل: قال الفخر:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وقوله: {لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحِينَ} يراد بهم جميع المطيعين من الرّجال والنساءِ.
وقوله: {وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ}، أَي المتوكِّلين عليه.
وقوله: {لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ} أَي المؤدّين للزَّكاة.
ورفع الخوف عن أَهل الصّلاح في الدّارين: {فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ}.
وقال: {وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا}، وقال: {الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ وَلاَ يُصْلِحُونَ}.
وقال: {أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ}.
وقال: {فَإِن تَابَا وَأَصْلَحَا}.
وقال: {ثُمَّ تَابَ مِن بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}.
وقال: {إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ}.
وقال: {فَأَصْلِحُواْ بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ}.
وقال: {رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ} إِلى قوله: {وَمَن صَلَحَ مِنْ آبَآئِهِمْ}.
وقال: {جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ}. اهـ.

.تفسير الآية رقم (11):

قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (11)}.

.مناسبة الآية لما قبلها:

قال البقاعي:
ولما نهى عن الإسراع بالإيقاع بمجرد سماع ما يوجب النزاع، وختم بما ترجى به الرحمة، وكان ربما كان الخبر الذي أمر سبحانه بتبينه صريحًا، نهى عن موجبات الشر التي يخبر بها فتكون سببًا للضغائن التي يتسبب عنها الشر الذي هو سبب للنقمة رحمة لعباد الله وتوقعًا للرحمة منه، فقال على سبيل النتيجة من ذلك ذاكرًا ما في القسم الرابع من الآداب والمنافع من وجوب ترك أذى المؤمنين في حضورهم والإزراء بحالهم المذهب لسرورهم الجالب لشرورهم: {يا أيها الذين آمنوا} أي أوقعوا الإقرار بالتصديق {لا يسخر} أي يهزأ ويستذل.
ولما كانت السخرية تكون بحضرة ناس، قال معبرًا بما يفهم أن من شارك أو رضي أو سكت وهو قادر فهو ساخر مشارك للقائل: {قوم} أي ناس فيهم قوة المحاولة، وفي التعبير بذلك هز إلى قيام الإنسان على نفسه وكفها عما تريده من النقائص شكرًا لما أعطاه الله من القوة: {من قوم} فإن ذلك يوجب الشر لأن أضعف الناس إذا حرك للانتقاص قوي بما يثور عنده من حظ النفس.
ولما كان الذي يقتضيه الرأي الأصيل أنه لا يستذل الإنسان إلا من أمن أن يصير في وقت من الأوقات أقوى منه في الدنيا وفي الآخرة، علل بقوله: {عسى} أي لأنه جدير وخليق لهم {أن يكونوا} أي المستهزأ بهم {خيرًا منهم} فينقلب الأمر عليهم ويكون لهم سوء العاقبة، قال ابن مسعود- رضى الله عنه: البلاء موكل بالقول ولو سخرت من كلب خشيت أن أحول كلبًا؛ وقال القشيري: ما استضعف أحد أحدًا إلا سلط عليه، ولا ينبغي أن تعتبر بظاهر أحوال الناس، فإن في الزوايا خبايا، والحق سبحانه يستر أولياءه في حجاب الظنة، كذا في الخبر «كم من أشعث أغبر ذي طمرين لا يؤبه له لو أقسم على الله لأبره».
ولما كان إطلاق القوم لمن كان فيه أهلية المقاومة وهم الرجال، قال معبرًا ما هو من النسوة بفتح النون أن ترك العمل: {ولا نساء من نساء} ثم علل النهي بقوله: {عسى} أي ينبغي أن يخفن من {أن يكن} المسخور بهن {خيرًا منهن} أي الساخرات.
ولما كانت السخرية تتضمن العيب، ولا يصرح فيها، وكان اللمز العيب نفسه، رقي الأمر إليه فقال: {ولا تلمزوا} أي تعيبوا على وجه الخفية {أنفسكم} بأن يعيب بعضكم بعضًا بإشارة أو نحوها، فكيف إذا كان على وجه الظهور، فإنكم في التواصل والتراحم كنفس واحدة، أو يعمل الإنسان ما يعاب به، فيكون قد لمز نفسه أو يلمز غيره فيكون لمزه له سببًا لأن يبحث عن عيوبة فيلمزه فيكون هو الذي لمز نفسه {ولا تنابزوا} أي ينبز بعضكم بعضًا، أي يدعو على وجه التغير والتسفل {بالألقاب} بأن يدعو المرء صاحبه بلقب يسوءه سواء كان هو المخترع له أولًا، وأما ألقاب المدح فنعم هي كالصديق والفاروق.
ولما كان الإيمان قيدًا لأوابد العصيان، وكان النبز والسخرية قطعًا لذلك القيد، علل بما يؤذن فأنه فسق، معبرًا بالكلمة الجامعة لجميع المذامّ تنفيرًا من ذلك فقال: {بئس الاسم الفسوق} أي الخروج من ربقة الدين {بعد الإيمان} ترك الجارّ إيذانًا بأن من وقع في ذلك أوشك أن يلازمه فيستغرق زمانه فيه فإن النفس عشاقة للنقائص، ولا سيما ما فيه استعلاء، فمن فعل ذلك فقد رضي لنفسه أو يوسم بالفسق بعد أن كان موصوفًا بالإيمان.
ولما كان التقدير: فمن تاب فأولئك هم الراشدون، وكان المقام بالتحذير أليق، عطف عليه قوله: {ومن لم يتب} أي يرجع عما نهى الله عنه، فخفف عن نفسه ما كان شدد عليها {فأولئك} أي البعداء من الله {هم} أي خاصة {الظالمون} أي العريقون في وضع الأشياء في غير مواضعها. اهـ.

.من أقوال المفسرين:

.قال الفخر:

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ}.
وقد بينا أن السورة للإرشاد بعد إرشاد فبعد الإرشاد إلى ما ينبغي أن يكون عليه المؤمن مع الله تعالى ومع النبي صلى الله عليه وسلم ومع من يخالفهما ويعصيهما وهو الفاسق، بين ما ينبغي أن يكون عليه المؤمن مع المؤمن، وقد ذكرنا أن المؤمن إما أن يكون حاضرًا وإما أن يكون غائبًا، فإن كان حاضرًا فلا ينبغي أن يسخر منه ولا يلتفت إليه بما ينافي التعظيم، وفي الآية إشارة إلى أمور ثلاثة مرتبة بعضها دون بعض وهي السخرية واللمز والنبز، فالسخرية هي أن لا ينظر الإنسان إلى أخيه بعين الإجلال ولا يلتفت إليه ويسقطه عن درجته، وحينئذ لا يذكر ما فيه من المعايب، وهذا كما قال بعض الناس تراهم إذا ذكر عندهم عدوهم يقولون هو دون أن يذكر، وأقل من أن يلتفت إليه، فقال لا تحقروا إخوانكم ولا تستصغروهم الثاني: هو اللمز وهو ذكر ما في الرجل من العيب في غيبته وهذا دون الأول، لأن في الأول لم يلتفت إليه ولم يرض بأن يذكره أحد وإنما جعله مثل المسخرة الذي لا يغضب له ولا عليه الثالث: هو النبز وهو دون الثاني، لأن في هذه المرتبة يضيف إليه وصفًا ثابتًا فيه يوجب بغضه وحط منزلته، وأما النبز فهو مجرد التسمية وإن لم يكن فيه وذلك لأن اللقب الحسن والاسم المستحسن إذا وضع لواحد وعلق عليه لا يكون معناه موجودًا فإن من يسمى سعدًا وسعيدًا قد لا يكون كذلك، وكذا من لقب إمام الدين وحسام الدين لا يفهم منه أنه كذلك وإنما هو علامة وزينة، وكذلك النبز بالمروان ومروان الحمار لم يكن كذلك وإنما كان ذلك سمة ونسبة، ولا يكون اللفظ مرادًا إذا لم يرد به الوصف كما أن الأعلام كذلك، فإنك إذا قلت لمن سمي بعبد الله أنت عبد الله فلا تعبد غيره، وتريد به وصفه لا تكون قد أتيت باسم علمه إشارة، فقال لا تتكبروا فتستحقروا إخوانكم وتستصغروهم بحيث لا تلتفتوا إليهم أصلًا وإذا نزلتم عن هذا من النعم إليهم فلا تعيبو (هم) طالبين حط درجتهم والغض عن منزلتهم، وإذا تركتم النظر في معايبهم ووصفهم بما يعيبهم فلا تسموهم بما يكرهونه ولا تهولوا هذا ليس بعيب يذكر فيه إنما هو اسم يتلفظ به من غير قصد إلى بيان صفة وذكر في الآية مسائل:
المسألة الأولى:
قوله: {لاَ يَسْخَرْ قَوْمٌ مّن قَوْمٍ} القوم اسم يقع على جمع من الرجال ولا يقع على النساء ولا على الأطفال لأنه جمع قائم كصوم جمع صائم، والقائم بالأمور هم الرجال فعلى هذا الأقوام الرجال لا النساء فائدة: وهي أن عدم الالتفات والاستحقار إنما يصدر في أكثر الأمر من الرجال بالنسة إلى الرجال، لأن المرأة في نفسها ضعيفة، فإذا لم يلتفت الرجال إليها لا يكون لها أمر، قال النبي صلى الله عليه وسلم:
«النساء لحم على وضم إلا ما رددت عنه» وأما المرأة فلا يوجد منها استحقار الرجل وعدم التفاتها إليه لاضطرارها في دفع حوائجها (إليه)، وأما الرجال بالنسبة إلى الرجال والنساء بالنسبة إلى النساء فيوجد فيهم هذا النوع من القبح وهذا أشهر.
المسألة الثانية:
قال في الدرجة العالية التي هي نهاية المنكر {عسى أَن يَكُونُواْ خَيْرًا مّنْهُمْ} كسرًا له وبغضًا لنكره، وقال في المرتبة الثانية {لا تَلْمِزُواْ أَنفُسَكُمْ} جعلهم كأنفسهم لما نزلوا درجة رفعهم الله درجة وفي الأول جعل المسخور منه خيرًا، وفي الثاني جعل المسخور منه مثلًا، وفي قوله: {عسى أَن يَكُونُواْ خَيْرًا مّنْهُمْ} حكمة وهي أنه وجد منهم النكر الذي هو مفض إلى الإهمال وجعل نفسه خيرًا منهم كما فعل إبليس حيث لم يلتفت إلى آدم وقال: {أَنَاْ خَيْرٌ مّنْهُ} [الأعراف: 12] فصار هو خيرًا، ويمكن أن يقال المراد من قوله: {أَن يَكُونُواْ} يصيروا فإن من استحقر إنسانًا لفقره أو وحدته أو ضعفه لا يأمن أن يفتقر هو ويستغني الفقير، ويضعف هو ويقوى الضعيف.
المسألة الثالثة:
قال تعالى: {قَوْمٌ مّن قَوْمٍ} ولم يقل نفس من نفس، وذلك لأن هذا فيه إشارة إلى منع التكبر والمتكبر في أكثر الأمر يرى جبروته على رؤوس الأشهاد، وإذا اجتمع في الخلوات مع من لا يلتفت إليه في الجامع يجعل نفسه متواضعًا، فذكرهم بلفظ القوم منعًا لهم عما يفعلونه.
المسألة الرابعة:
قوله تعالى: {وَلاَ تَلْمِزُواْ أَنفُسَكُمْ} فيه وجهان أحدهما: أن عيب الأخ عائد إلى الأخ فإذا عاب عائب نفسًا فكأنما عاب نفسه وثانيهما: هو أنه إذا عابه وهو لا يخلو من عيب يحاربه المعيب فيعيبه فيكون هو بعيبه حاملًا للغير على عيبه وكأنه هو العائب نفسه وعلى هذا يحمل قوله تعالى: {وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ} [النساء: 29] أي إنكم إذا قتلتم نفسًا قتلتم فتكونوا كأنكم قتلتم أنفسكم ويحتمل وجهًا آخر ثالثًا وهو أن تقول لا تعيبوا أنفسكم أي كل واحد منكم فإنكم إن فعلتم فقد عبتم أنفسكم، أي كل واحد عاب كل واحد فصرتم عائبين من وجه معيبين من وجه، وهذا الوجه هاهنا ظاهر ولا كذلك في قوله تعالى: {وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ}.
المسألة الخامسة:
إن قيل قد ذكرتم أن هذا إرشاد للمؤمنين إلى ما يجب أن يفعله المؤمن عند حضوره بعد الإشارة إلى ما يفعله في غيبته، لكن قوله تعالى: {وَلاَ تَلْمِزُواْ} قيل فيه بأنه العيب خلف الإنسان والهمز هو العيب في وجه الإنسان، نقول ليس كذلك بل العكس أولى، وذلك لأنا إذا نظرنا إلى قلب الحروف دللن على العكس، لأن لمز قلبه لزم وهمز قلبه هزم، والأول: يدل على القرب، والثاني: على البعد، فإن قيل اللمز هو الطعن والعيب في الوجه كان أولى مع أن كل واحد قيل بمعنى واحد.
المسألة السادسة:
قال تعالى: {وَلاَ تَنَابَزُواْ} ولم يقل لا تنبزوا، وذلك لأن اللماز إذا لمز فالملموز قد لا يجد فيه في الحال عيبًا يلمزه به، وإنما يبحث ويتبعه ليطلع منه على عيب فيوجد اللمز من جانب، وأما النبز فلا يعجز كل واحد عن الإتيان به، فإن من نبز غيره بالحمار وهو ينبزه بالثور وغيره، فالظاهر أن النبز يفضي في الحال إلى التنابز ولا كذلك اللمز.
وقوله تعالى: {بِئْسَ الاسم الفسوق بَعْدَ الإيمان}.
قيل فيه إن المراد {بِئْسَ} أن يقول للمسلم يا يهودي بعد الإيمان أي بعد ما آمن فبئس تسميته بالكافر، ويحتمل وجهًا أحسن من هذا: وهو أن يقال هذا تمام للزجر، كأنه تعالى قال: يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم ولا تلمزوا ولا تنابزوا فإنه إن فعل يفسق بعد ما آمن، والمؤمن يقبح منه أن يأتي بعد إيمانه بفسوق فيكون قوله تعالى: {الذين ءامَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إيمانهم بِظُلْمٍ} [الأنعام: 82] ويصير التقدير بئس الفسوق بعد الإيمان، وبئس أن تسموا بالفاسق بسبب هذه الأفعال بعد ما سميتموهم مؤمنين.
قال تعالى: {وَمَن لَّمْ يَتُبْ فأولئك هُمُ الظالمون} وهذا يحتمل وجهين أحدهما: أن يقال هذه الأشياء من الصغائر فمن يصر عليه يصير ظالمًا فاسقًا وبالمرة الواحدة لا يتصف بالظلم والفسق فقال ومن لم يترك ذلك ويجعله عادة فهو ظالم وثانيهما: أن يقال قوله تعالى: {لاَ يَسْخَرْ قَوْمٌ} {وَلاَ تَلْمِزُواْ} {وَلاَ تَنَابَزُواْ} منع لهم عن ذلك في المستقبل، وقوله تعالى: {وَمَن لَّمْ يَتُبْ} أمرهم بالتوبة عما مضى وإظهار الندم عليها مبالغة في التحذير وتشديدًا في الزجر، والأصل في قوله تعالى: {وَلاَ تَنَابَزُواْ} لا تتنابزوا أسقطت إحدى التاءين، كما أسقط في الاستفهام إحدى الهمزتين فقال: {سَوَاء عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُم} [البقرة: 6] والحذف هاهنا أولى لأن تاء الخطاب وتاء الفاعل حرفان من جنس واحد في كلمة وهمزة الاستفهام كلمة برأسها وهمزة أنذرتهم أخرى واحتمال حرفين في كلمتين أسهل من احتماله في كلمة، ولهذا وجب الإدغام في قولنا: مد، ولم يجب في قولنا امدد، و(في) قولنا: مر، (دون) قوله: أمر ربنا. اهـ.

.قال القرطبي:

قوله تعالى: {يا أيها الذين آمَنُواْ لاَ يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عسى أَن يَكُونُواْ خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلاَ نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عسى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ}.
فيه أربع مسائل:
الأولى قوله تعالى: {يا أيها الذين آمَنُواْ لاَ يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عسى أَن يَكُونُواْ خَيْرًا مِّنْهُمْ} قيل عند الله.
وقيل {خَيْرًا مِنْهُمْ} أي معتقَدًا وأسلم باطنًا.
والسُّخْرِية الاْستهزاء.
سَخِرت منه أسْخَر سَخَرًا بالتحريك ومَسْخَرًا وسُخْرًا بالضم.
وحكى أبو زيد سَخِرت به؛ وهو أردأ اللغتين.
قال الأخفش: سَخِرْت منه وسَخِرت به، وضَحِكت منه وضَحكت به، وهَزِئت منه وهزِئت به؛ كلٌّ يقال.
والاْسم السُّخْرِية والسُّخْرِي؛ وقرئ بهما قوله تعالى: {لِّيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضًا سُخْرِيًّا} [الزخرف: 2 3] وقد تقدّم.
وفلان سُخْرَة؛ يُتَسَخَّر في العمل.
يقال: خادم سُخْرة.
ورجل سُخْرة أيضًا يُسخر منه.
وسُخَرة (بفتح الخاء) يسخر من الناس.
الثانية واختلف في سبب نزولها؛ فقال ابن عباس: نزلت في ثابت بن قيس بن شماس كان في أذنه وَقْر؛ فإذا سبقوه إلى مجلس النبيّ صلى الله عليه وسلم أوسعوا له إذا أتى حتى يجلس إلى جنبه ليسمع ما يقول؛ فأقبل ذات يوم وقد فاتته من صلاة الفجر ركعة مع النبيّ صلى الله عليه وسلم، فلما انصرف النبيّ صلى الله عليه وسلم أخذ أصحابه مجالسهم منه؛ فَرَبَض كل رجل منهم بمجلسه، وعَضُّوا فيه فلا يكاد يوسع أحد لأحد حتى يَظَل الرجل لا يجد مجلسًا فيظل قائمًا؛ فلما انصرف ثابت من الصلاة تخطى رقاب الناس ويقول: تفسّحوا تفسّحوا؛ ففسحوا له حتى انتهى إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم وبينه وبينه رجل فقال له: تفسح.